U3F1ZWV6ZTUwNjQyODAxODUzODAxX0ZyZWUzMTk0OTg1ODUzNjE2Mw==

إلغاء موسم الحج هذا العام | بين حزن الكثيرين وضياع حلم آخرين ...

إلغاء موسم الحج هذا العام | بين حزن الكثيرين وضياع حلم آخرين ...


إلغاء موسم الحج هذا العام | بين حزن الكثيرين وضياع حلم آخرين ... 


خيم الحزن على العالم الاسلامي أجمع بعد الإعلان السعودي والذي أثار الصدمة والحزن وخيبة الأمل في كافة أنحاء العالم الإسلامي ، مما قوض خطط ملايين المسلمين لتأدية مناسك الحج هذا العام ، والذي يتطلع إليه الكثيرون طيلة حياتهم.



إذ أن حج بيت الله الحرام لِمن استطاع إليه سبيلاً مرة واحدة علي الأقل في العمر هو واحد من أركان الإسلام الخمسة وتمثل رحلة الحج شعيرة مقدسة لنحو 1.8 مليار مسلم حول العالم ، لدرجة أن عائلات الحجاج في بعض الدول العربية يطلون منازلهم بصور للكعبة للدلالة على وجود حاج لبيت الله الحرام في منزلهم. 


في حين يدخر الكثير والكثير من الناس طيلة حياتهم من أجل حج بيت الله الحرام ، وكانوا يقضون شهوراً لبلوغه قديماً وذلك قبل ظهور وسائل النقل الحديثة. 

فضلاً عن أن موسم الحج هام جداً للشركات أيضاً ، إذ أن موسم الحج الذي يستمر لعدة أيام وينطلق أواخر يوليو العام الجاري 2020 ، والعمرة التي يمكن تأديتها طوال العام ، يدران علي المملكة العربية السعودية مليارات الدولارات سنوياً. 

إلي جانب وجود وكالات سفر للمجتمعات المسلمة في الدول الاجنبية ، وهي متخصصة في توصيل الحجاج من وإلي الأماكن المقدسة وتوفير الإقامة علي طول الطريق. 

تتكلف رحلة الحج للشخص الواحد مبلغاً يتراوح بين ثلاثة آلاف إلي عشرة آلاف دولارعلي حسب نوعية الحج وطريقته. 

وتوفر وكالات السفر خدماتها للعديد من الجمعيات الإسلامية التي تدفع لمجموعات من فقراء المسلمين حتي يسافروا لتأدية فريضة الحج كل عام إلا أن إلغاء موسم الحج هذا العام يعد أمراً كارثياً بكل المقاييس ، لكنه حتمية ضرورية. 

وأعلنت الحكومة السعودية التي يمثل موسم الحج أحد مصادرها الرئيسية للسياحة ، يوم الإثنين 22 يونيو 2020 ، أنها لن تستقبل الحجاج من خارج المملكة العربية السعودية هذا العام لمحاولة احتواء عدوي تفشي فيروس كورونا. 

وفي يوم الثلاثاء 23 يونيو 2020 ، عدلت السلطات السعودية ذلك القرار بأنه سيتم السماح لألف شخص فقط بتأدية فريضة الحج هذا العام ، وهو رقم صغير جداً مقارنة بـ 2.5 مليون حاج سافروا إلي المملكة العربية السعودية العام الماضي. 

وتعرض موسم الحج للإلغاء وتحجيم الاعداد في العديد من الازمنة السابقة نتيجة إما لإندلاع حروب أو تفشي أمراض وأوبئة ، لكنه أبداً لم يتعرض لمثل هذه القيود الكبيرة علي الحضور منذ منتصف القرن الـ 19 الميلادي ، حين أبعدت أوبئة الكوليرا والطاعون الحجاج لبضع سنوات. 

ولم يسبق للمملكة العربية السعودية ، التي يحمل ملكها لقب "خادم الحرمين الشريفين" ، أن ألغت موسم الحج منذ تأسيسها عام 1932 ميلادية. 
وانتقد البعض قرار تقليل عدد الحجاج رغم ان المملكة السعودية تعاني من أكبر حالات تفشي فيروس كورونا في الشرق الأوسط ، مع إعلان إصابة نحو 161 ألف شخص ووفاة 1300 شخص بسبب الفيروس. 

أما في مصرنا الحبيبة ، فحولت المصاعب الاقتصادية الحج خلال السنوات الأخيرة إلي حلم بعيد المنال بالنسبة للكثيرين ، مما زاد من وقع الصدمة تجاه إلغاء موسم الحج هذا العام. 

فهذي سيدة مصرية قدمت في نظام الحج بالقرعة الذي تتبناه الحكومة المصرية من أجل الحصول على رحلة حج مجانية قبل أربع سنوات ، لكنها كانت تفشل في الفوز كل مرة ، لذا قررت هذا العام جمع التكلفة من مدخراتها الشخصية وقالت السيدة المصرية والتي تبلغ من العمر (58 سنة) ، وتجني 175 دولاراً شهرياً : "كنت أريد تأدية الحج وأنا لا أزال بصحة جيدة ، ولم يهمني ارتفاع التكلفة" ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن (قدر الله وما شاء فعل). 

وفي كثير من الدول يتحتم على الناس الانتظار لسنوات حتي يتم إدراج أسمائهم في حصة دولتهم من الحجاج حتي وإن كانوا ذوي مقدرة مادية كبيرة وتحدد المملكة العربية السعودية هذه الحصة لتحقيق تكافؤ الفرص بين مواطنين الدول الإسلامية. 

ومنذ موسم الحج الأول عام 632 ميلادية ، سافر المسلمون إلي مكة رغم كل المصاعب والكوارث ، وحولوا موسم الحج تدريجياً من مسعي مقصور علي عدد صغير من القادرين إلي إحدي أكبر التجمعات الإسلامية في العالم أجمع وطيلة قرون مضت كان مجرد الوصول إلي مكة سالماً يمثل سبباً كافياً للاحتفال. 

إلغاء موسم الحج هذا العام | بين حزن الكثيرين وضياع حلم آخرين ...

فقديماً كان الحجاج يقطعون الصحراء علي ظهور الجمال بشبه الجزيرة العربية ، وسط قوافل ضخمة تنطلق من القاهرة أو دمشق ، في رحلات تستغرق نحو ستة أسابيع ، وتكون عرضة لهجمات قطاع الطرق من البدو بينما يصل آخرون بحراً يقاومون العواصف والرياح ، وتفشي الأمراض والاوبئة في السفن المزدحمة ، وغيرها من التهديدات. 

أما في وقتنا الراهن فنجد أن قناة السويس مثلاً قد أسهمت في تقصير الرحلة البحرية علي الكثيرين بعد افتتاحها عام 1869 ميلادية ، أيضاً سهل ظهور المركبات الآلية الرحلة البرية بدءاً من العشرينات ، لكن أعداد الحجاج ظلت منخفضة ، إذ شهد موسم الحج عام 1929 ميلادية وصول 66 ألف حاج فقط. 

وبدأت أعداد الحجاج في الارتفاع خلال السبعينات ، بعد أن صارت أسعار السفر الجوي الجماعي معقولة ، وبعد أن أدرك حكام المملكة أن موسم الحج يدر علي المملكة السعودية دخلاً كبيراً. 

ومنذ التسعينات بدأت مواسم الحج تشهد الكثير من حوادث التدافع ، وحرائق الخيام العملاقة ، والمخاوف بشأن تفشي أمراض وأوبئة مثل السارس. 

أيضاً لا ننسي حادثة التدافع الأكثر دموية في عام 2015 ميلادية ، وقتها لاقي أكثر من 2200 شخص مصرعهم. 

لكن السلطات السعودية لم يسبق لها إلغاء موسم الحج من قبل علي الإطلاق ، رغم الكوارث المأساوية الدورية. 

وأكثر المتضررين من هذا الإلغاء هم الشريحة المجتمعية الأكبر سناً ، والذين انتظروا لسنوات أملاً في تأدية فريضة الحج قبل أن توافيهم المنية بالطبع (لكلِ أجلٍ كتاب). 

في الختام لا يسعنا إلا أن نرفع أكف الضراعة أن تتغمدنا رحمات الله آميلينَ أن يرفع عنا هذا البلاء فهو وحده القادر علي ذلك. 

***********************
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة