كاوتش العربية

فقراء العالم | كيف سيحصلون على لقاح فيروس كورونا ؟ 

نقلاً عن صحيفة «ذا جارديان» البريطانية

كيف ستصل تلك اللقاحات إلى أفقر السكان في العالم وهم أكثر المتضررين من كارثة كورونا ؟

كيف يحصل فقراء العالم على اللقاح ؟

اللقاحات المنتظرة الخاصة بفيروس كورونا المستجد قادمة ، حيث تتدفق مليارات الدولارات ومئات الأبحاث لإتمام العملية ، ويجرى بالفعل اختبار ما لا يقل عن ١٣ لقاحاً على البشر ، ولكن كيف ستصل هذه اللقاحات إلى فقراء هذا العالم؟ هذا هو السؤال الذي يحدد مصير حوالي أكثر من نصف سكان العالم ، وقد اصبح هذا سؤالاً محورياً في هذا الوقت ، وحيث أدى الفشل في الإجابة عنه في الماضي إلى ملايين الوفيات والتي كان يمكن تجنبها ، وتأتي الاجابة عن ذلك السؤال في ابسط صورها.

من خلال التحالف العالمي للقاحات والتحصين (جافى) (GAVI).

وتعتبر (جافى) (GAVI) هي شراكة بين القطاعين العام والخاص عمرها ٢٠ عاماً ، حيث يعتقد التحالف أن المزج بين الأسواق والعمل الخيرى سيجلب اللقاحات للجميع في العالم ، وتبدو الأرقام التي حققها التحالف مثيرة للإعجاب ، حيث يقوم (جافى) (GAVI) كل عام بإرسال ٥٠٠ مليون جرعة لقاح ضد ١٧ مرضاً مختلفاً ، كما أن الأموال التي يتم ضخها في التحالف تبدو ضخمة ، ففي قمة اللقاحات العالمية التي عقدت في وقت سابق من هذا الشهر ، جمع (جافى) (GAVI) رقماً قياسياً بلغ ٨.٨ مليار دولار ، مع تخصيص ٣٣٠ مليون جنيه إسترليني سنوياً للسنوات الخمس المقبلة ، وكانت الحكومة البريطانية أكبر جهة مانحة له في تلك القمة ، وذلك أيضاً إلى جانب الدول الغنية الأخرى وأيضاً مؤسسة (جيتس).

وأطلق (جافى) (GAVI) أحدث مبادرة له ، وهى صندوق لقاحات كوفيد - ١٩ المستقبلية «كوفاكس» ، والذى يحس الدول إلى الاستثمار في مجموعة كبيرة من اللقاحات المحتملة ، وتقييم مخاطرها ، للوصول الي المنتج النهائي.

الصفقة الأولى: 

عقد اتفاقية بحوالي ٧٥٠ مليون دولار أمريكي مع شركة «أسترازينيكيا» للحصول على ٣٠٠ مليون جرعة من لقاح جامعة أكسفورد المحتمل.

وقد تم الإعلان عن الصفقة باعتبارها التزاماً لتلبية احتياجات أفقر دول العالم ، لكن الصفقة جاءت بسعر عالي جداً بنسبة خصم صغيرة فقط عن السعر الأصلي الذي تدفعه الحكومة الأمريكية ، أيضا تواجهنا مشكلة عدم معرفتنا سوي بتفاصيل قليلة جداً عن تلك الصفقة بما أنها صفقة سرية وليست معلنة بشكل رسمي ، فنحن لا نعرف على سبيل المثال ما إذا كانت «أسترازينيكيا» ستبقى على أموال الصفقة في حال فشل لقاحها أم لا ، ولا نعرف حتى حقيقة أن جميع اللقاحات المشتراة مخصصة للاستخدام في البلدان الفقيرة فقط أم لا.

ففي القمة تم الإجماع على أن يحصل على اللقاحات أولاً الأشخاص الأكثر احتياجاً في العالم بطريقة عادلة ومنصفة ، وعلى أن تحدد منظمة الصحة العالمية إطاراً لكيفية القيام بذلك ولكن التقرير الذي تم إعداده لاجتماع مجلس إدارة (جافى) (GAVI) والذي يبدأ هذا الأسبوع ، وتم توزيعه على العديد من الجهات المعنية ، بما في ذلك منظمات المجتمع المدني ، يقترح أن البلدان الغنية يمكنها تجاهل إطار منظمة الصحة العالمية ، أما البلدان الفقيرة فقط فيجب عليها الالتزام به ، وبحسب التقرير ، فإنه يبدو أن (جافى) (GAVI) سيخصص عددا كافياً من اللقاحات لنسبة مئوية ثابتة من سكان الدول الغنية ، وهى النسبة التي ستقررها الهيئات الاستشارية الوطنية لكل دولة منها ، في حين لن تحصل الدول الفقيرة على لقاحات إلا لذوى الأولوية القصوى فقط ، وذلك بعد تقديم دليل على احتياجهم له.

ويتم تشجيع الدول الغنية على التبرع باللقاحات (ولكنها ليست ملزمة بذلك) إذا كان لديها فائض عن ما تحتاجه ، لكننا لا نعرف متى ستحصل البلدان الفقيرة على هذه اللقاحات المتبرع بها ، فهل سيكون ذلك في نفس الوقت مع الدول الغنية ، أو بعد أن يقوموا باستهلاك جميع اللقاحات التي يحتاجونها؟.

ولذلك فهنالك خللاً في القضية الأساسية التي تم تأسيس (جافى) (GAVI) لمعالجتها وهى الحصول العادل على اللقاحات ، فقد ساعد التحالف في خلق المشكلة التي يحاول حلها الآن ، حيث كشفت ٣ عقود من وصول الأدوية واللقاحات للفقراء عن المشكلة والحل في نفس الوقت ، وهى احتكار شركات الأدوية للقاحات بسبب امتلاكها براءات الاختراع ، ولكن منع هذا الاحتكار يؤدى إلى انخفاض الأسعار وارتفاع العرض ، كما أن الدول والمنظمات الغنية التي تمول (جافى) (GAVI) مسؤولة عن ذلك بنفس القدر ، فقد التزمت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي بالمليارات من أجل أبحاث اللقاحات ، والتي ذهبت جميعها تقريباً إلى شركات الأدوية الخاصة ، دون أي شروط لمنعها من احتكار لقاحاتها المستقبلية.

وقد قامت جميع هذه البلدان بتخزين المزيد من اللقاحات المستقبلية من خلال عقد صفقات مباشرة مع الشركات المصنعة ، دون أي شروط على الإطلاق ، فضلاً عن أن (جافى) (GAVI) يتماشى مع الحكومات التي تموله في الاساس. 

اما الأسعار العالية والتي لا يمكن تحملها ليست سوى جزء فقط من مشكلة الاحتكار ، ففي ظل هذا الوباء الكارثي ، فالعرض المتزايد يمثل تحدياً كبيراً أيضاً ، لأنه سيمكننا من تصنيع ما يكفى من اللقاحات للجميع.

بالرغم من ان ذلك لا يمكن أن يحدث إلا إذا استخدمنا القدرة التصنيعية الكاملة للعالم وتم تحرير اللقاحات من احتكار الشركات ، إلا أن عدم قدرة (جافى) (GAVI) على حل هذه المشكلة ، أو استخدام نفوذه لمحاولة فرض حل ، هو أمر يدعو للحيرة.

ويمكن لـ (جافى) (GAVI) تغيير قواعد اللعبة وتحويل لقاح كوفيد - ١٩ (Covid-19) إلى منفعة عامة عالمية ، حيث يمكنه أن يجبر منظومة تصنيع اللقاحات بأكملها على الانضمام إلى آلية تعاونية وخالية من الاحتكار ، وسيكون هذا هو الإجراء الصحيح الذي يجب القيام به ، فبهذه الطريقة فقط سيتمكن التحالف أخيراً من الوفاء بالوعد الذي قطعه للعالم قبل ٢٠ عاماً.

ونختم المقالة بمقولة شهيرة.

يقول سيث بيركلي ، الرئيس التنفيذي لـ (جافي) (GAVI) ، "الجميع يدعي أنه يريد أن يتحد العالم معاً ، بدون "حواجز" بينما يفشلون في معالجة الجشع في صناعة الأدوية".

******************